كتاب الإنسان بعد الموت الصفحة الرئيسة

 

 

الأشجار الخبيثة

   الأشجار الخبيثة هي التي يكون فيها شوك وليس فيها ثمر يؤكل ، أو تكون رائحتها كريهة ، أو لا تظلّ من يجلس تحتها مع أنّها ذات شوك ، فمثل هذه الأشجار لا تصعد الملائكة بأرواحها إلى السماء بل تبقى على الأرض ، فإذا هاجت رياح اقتلعتها من مكانها ودفعتها حيث تسير فتتحطّم وتسقط على الأرض متنقلة من مكان إلى مكان حيث تنقلها الرياح فلا يقرّ لها قرار ، فترى غصناً هنا وآخر هناك ، وشجرة خلف هذا الجدار وأخرى خلف ذاك الستار وأخرى بين الجبال حيث تحميها من الرياح . 
   
فقد قال تعالى في سورة إبراهيم { وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ } ، فقوله تعالى { اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ } يعني قُلِعت ، لأنّ الرياح تقلعها من أصولها ، وهي الأشجار الخبيثة الأثيرية .
أما المادية منها فقد قلعها أبونا آدم بعدما أكل منها وكانت سبباً في معصيته ونزوله من الجنة التي كانت فوق جبل فنزل منها إلى الأرض المنبسطة ، وهي شجرة توت العلّيق . وقوله { مَا لَهَا مِن قَرَار } أي تنتقل من مكان إلى مكان آخر ، لأن الرياح تنقلها وتلقي بِها في المنخفضات وبين الجبال .
   
وقد وجد بعض المصورين في افلامهم صور أشجار أو أغصان قدالتقطتها آلاتهم المصورة صدفة بدون علمٍ منهم ، وذلك في أماكن ليس فيها أشجار . ويكون ذلك إن كان الضوء المُعطى للصورة قليلاً جداً فيخرج الفلم فارغاً ليس فيه صورة للإنسان الذي كان أمام الآلة بل يجد صورة شجرة أو غصن من أغصان شجرة رغم أنّ المكان ليس فيه أشجار[1] ولكن لم يعلم سبب ذلك ولم يفهم أنّ هناك أشجاراً أثيرية لا تراها الأحياء المادية بل تلتقطها آلاتهم المصورة صدفةً رغم إنكار بعض الناس للأشجار الأثيرية .
  

وإليك صورة غصن التقطته آلة بعض المصورين في الحلة وذلك في غرفة من غرف الدار .

 

 

صورة غصنٍ لشجرة أثيرية

[ملاحظة : أعطاني المفسّر رحمه الله هذه الصورة الفونوغرافية لغصن أثيري ثم استرجعها عندما أراد أن يطبع الطبعة الجديدة من كتاب الإنسان بعد الموت ، والآن هذه الصورة ليست عندي- المعلّق .]

 

بيان

[أهل الجنة لا ينامون ولا يبولون ولا يتغوّطون]

  روي أنّ الحجّاج بن يوسف الثقفي سأل علياً بن الحسين عن أهل الجنة : أصحيح أنهم لا ينامون ولا يبولون ولا يتغوّطون ؟ قال : نعم ،

قال آتني نظيره في الدنيا .  

قال : إنّ الجنين في بطن أمّه يأكل مِمّا تأكل أمّه ويشرب ولكن لا يبول ولا يتغوّط .

 

[الجنة الأثيرية وليدة الأرض المادية]

سؤال 21 : أنت تقول أنّ الجنة أثيرية غير مادية ، إذاً فما معنى قوله تعالى في سورة الزمر{ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ } فلو كانت الجنة في السماء وهي أثيرية ، إذاً فما معنى قوله تعالى { وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ } ؟

الجواب : قلنا فيما سبق أنّ الأشجار والنبات والأثمار والحيوان كلّ ذلك لَها أرواح كما للإنسان نفس ، فإذا ماتت الشجرة فإنّ روحها تذهب إلى عالم الأثير فتكون هناك شجرة ويكون فيها ثمر كما كانت في الدنيا ، ولكن الثمر هناك لا يفسد ولا ينفد لأنّه أثيري ، فالجنة إذاً هي وليدة الأرض ، فقوله تعالى { وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ } يعني وأورثنا ما نتج من الأرض أي ما خلّفته الأرض ، وذلك كقوله تعالى في سورة المؤمنون { أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ . الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } يعني يرثون ما كان للمشركين في دار الدنيا من أشجار وأثمار وقصور وغير ذلك فيكون للمؤمنين إرثاً لهم في الآخرة .

والدليل على ذلك قوله تعالى في قصة موسى وفرعون في سورة طه : { قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَى ؟ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى }

فقوله تعالى { أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ } يعني : أعطى لكل شيء من النبات والحيوان والإنسان صورته التي  هي على هيئته ، ويعني بذلك النفس الأثيرية التي هي صورة للجسم . فكلمة (شيء) تخصّ المادّة . والمعنى : أعطى لكلّ جسم مادّي حيّ حياته بإدخال الروح فيه فأصبح حياً .

{ ثُمَّ هَدَى } أي : ثم هداه إلى أمور معيشته وكيفية الحصول على رزقه ، فهدى الحيوان بالغريزة وهدى الإنسان بالعقل . فكلّ مخلوق مادّي له صورة أثيرية أو هيكل أثيري يشبهه تماماً . وبنفس الطريقة فكلّ الجمادات مثل الأدوات والملابس والأثاث وغير ذلك [أيضاً لها هيكل أثيري مماثل له بالشكل والصفات .]

وأما الأرض فلن تبقى على ما هي عليه حتّى يرثها المؤمنون ، ولكنها يوم القيامة ستتمزّق وتكون نيازك ، والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة الفجر { كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا } أي سوف تتحطّم وتتقطّع إلى أجزاء عديدة .

وقال تعالى في سورة ق { يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ }

 

[الجنة عرضها كعرض السماوات والأرض]

سؤال 22: فما معنى قوله تعالى في سورة الحديد { سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاء وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ .. إلخ } ؟

الجواب : يعني سعتها كسعة الكواكب السيارة مع انتشارهنّ في الفضاء ، وهذا نظير قوله تعالى في سورة آل عمران          { وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ } ، فالسماوات يريد بِها الكواكب السيارة ، والمعنى سعتها كسعة الكواكب السيارة مع سعة انتشارهنّ في الفضاء ، فكلمة عرضها يعني سعتها ، كما قال امرؤ القيس :

بِلادٌ عريضةٌ وأرضٌ أريضةٌ          مدافع غيثٍ في فضاءٍ عريضِ

وقال أيضاً :

وَمَرْقَبَةٍ كالزُّجّ أشرَفْتُ فَوْقَهَا     أقلِّبُ طَرفي في فضاءٍ عريضِ

 

وقال تعالى أيضاً في سورة البقرة { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ } فالجنان الأثيرية هي الكرسي ، والمعنى أنّ الكرسي سعته كسعة الكواكب السيارة مع سعة انتشارهنّ في الفضاء .

 

[صعود المسيح إلى السماء]

   سؤال 23 : إذا كانت السماوات أثيرية ، إذاً كيف صعد المسيح إلى السماء ؟

   جواب : إنّ نفسه الأثيرية صعدت إلى السماء وأمّا جسمه فبقي على الأرض ، وتعليل ذلك أنّ اليهود لَمّا أرادوا قتل المسيح ، جعل الله رجلاً شبيهاً بالمسيح فأمسكوه وصلبوه ، وأمّا المسيح فقد أفلت منهم وذهب إلى ربوة ثمّ لحقته أمه وبقيا في تلك الربوة يتعبّدان لله تعالى ، ثمّ مات المسيح بعد مدّة في تلك الربوة فارتفعت نفسه الأثيرية إلى السماء ودُفِن جسمه في تلك الربوة[2] والشاهد على ذلك قول الله تعالى في سورة المؤمنون { وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ } .

   والشاهد على أنّ المسيح مات هو قول الله تعالى في سورة المائدة وهو يخاطب نفس المسيح وهو في السماء فقال له { يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ } إلى أن يقول { فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } ، فقول المسيح : فلمّا توفّيتني معناه فلمّا أمتّني . وقال الله تعالى أيضاً مخاطباً المسيح قبل وفاته وذلك في سورة آل عمران  { إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ..إلخ } والمعنى : سأميتك وأرفع روحك إليّ ، فالوفاة معناها الموت ، والشاهد على ذلك قوله تعالى في سورة البقرة { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم ..إلخ } والمعنى يجب على الذين يموتون منكم أن يوصوا بأزواجهم بأنّ لهنّ متاعاً إلى الحول .

   وأمّا الشاهد على أنّ المسيح لم يُصلَب بل صُلِب شبيهه ، رؤية تلاميذه له بعد الصلب بثلاثة أيام فكلّموه وكلّمهم ، وقد ذُكِر هذا في إنجيل متي قال في الإصحاح الثامن والعشرين (( وأمّا الأحد عشر تلميذاً فانطلقوا إلى الجليل إلى الجبل حيث أمرهم يسوع ، ولَمّا رأوه سجدوا له ولكنّ بعضهم شكّوا )) . وجاء في إنجيل لوقا في الإصحاح الرابع والعشرين ما نصّه ((وفيما هم يتكلّمون بِهذا وقف يسوع نفسه في وسطهم وقال لهم سلام لكم ، فجزعوا وخافوا وظنّوا أنّهم نظروا روحاً ، فقال لهم ما بالكم مضطربين ولماذا تخطر أفكارٌ في قلوبكم ، أنظروا يديّ ورجليّ إنّي أنا هو ، جسّوني وانظروا فإنّ الروح ليس له لحم وعظام كما ترَون لي ، وحين قال هذا اراهم يديه ورجليه ، وبينما هم غير مصدّقين من الفرح ومتعجّبين قال لهم أعندكم هنا طعام ؟ فناولوه جزءً من سمكٍ مشوي وشيء من شهد عسلٍ ، فأخذ وأكل قدّامهم )) .

 

[الإسراء والمعراج]

سؤال 24 : إذا كانت السماوات أثيرية ، إذاً كيف صعد النبيّ إلى السماء ليلة المعراج ؟

جواب : إن نفسه الأثيرية صعدت إلى السماء ، وأمّا جسمه فكان نائماً على فراشه ، فقد جاء في كتاب (المعراج) بأنّ النبيّ (ع) ذهب مع جبريل إلى بيت المقدس فوجد الأنبياء هناك فسلّم عليهم وصلّى بِهم في بيت المقدس ، ثمّ عرج إلى السماوات مع جبريل وصلّى بالملائكة في كلّ سماء حتّى صعد إلى السماء السابعة .

   أقول إنّ الأنبياء انتقلوا بِموتهم من العالم المادّي إلى العالم الأثيري وأصبحوا نفوساً أثيرية ، والنفوس لا تراها الأحياء ، ثمّ إنّ الملائكة هم مخلوقات أثيرية أيضاً ولا تراهم الناس إلاّ بشروط ، ثالثاً إنّ الإنسان لا يمكنه أن يصعد إلى السماء بِجسمه المادّي ويلتقي بِالملائكة ، إذاً المعراج كان بالنفس الأثيرية لا بالجسم المادّي ولذلك كان الوقت ليلاً .

وقد روي عن عائشة أنّها قالت : "والله ما فُقِد جسد رسول الله (ع) ولكن عُرِج بروحه . وعن معاوية مثله .  

 قال الله تعالى في سورة الإسراء { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } . فالمسجد الحرام هو الذي في مكة ، والمسجد الأقصى هو بيت المقدس ، فإنّ النبيّ (ع) أسري به ليلاً من مكة إلى  بيت المقدس ، وإنّما أسري به ليلاً لأنّ الأرواح تضجر من الضوضاء وتنفر من الضياء وخاصةً ضياء الشمس ، فلذلك أسري به ليلاً لأنّ الناس نائمون والأصوات خامدة والحركات هادئة والشمس غائبة ، فكان الوقت ملائماً لسيره إلى بيت المقدس ثمّ عروجه إلى السماء بصحبة جبرائيل لأنه أصبح مخلوقاً أثيرياً يشبه صاحبه . ولَمّا كان المعراج بالنفس الأثيرية أمكنه أن يرى أرواح الأنبياء ويصلّي بهم ، وأمكنه رؤية جبرائيل وأمكنه الصعود معه إلى السماوات الأثيرية ، وأمكنه رؤية الملائكة والتكلّم معهم إلى غير ذلك مِمّا ذُكِر عنه عليه السلام .   

   قال تعالى في سورة النجم { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى . مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى . وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى .إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى . عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى . ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى .وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى . ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى .فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى . فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى .مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى .أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى .وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى .عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى .عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى . إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى . مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى . لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى }

المعنى :

{ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى } أي قسماً بِذوات الذَنَب إذا سقطت على الأرض ، وهذا قسم تهديد ووعيد ، وقد سبق تفسير هذه الآية في كتابنا الكون والقرآن ، ثمّ قال تعالى :

{ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى } أي ما ضلّ محمّد عن طريق الحقّ وما أضلّ أحداً بِدعوته ومنهجه ، وذلك لأنّ المشركين قالوا [كما في سورة الفرقان] { إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا } ،

{ وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى } أي ليس ما نطق به محمّد من القرآن والشريعة صادر من الناس ، وذلك لأنّ المشركين قالوا [كما في سورة النحل] { إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ } ،

{ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ } من الله { يُوحَى } إليه ،

{ عَلَّمَهُ } القرآن والشريعة جبريل الذي هو { شَدِيدُ الْقُوَى } وهذه صفة لجبرائيل بأنّه شديد القوى ، كما وصفه أيضاً في سورة التكوير بقوله تعالى { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ .ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ . مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ } ،

{ ذُو مِرَّةٍ } أي ذو مشورةٍ  تستشيره الملائكة في شؤونِها والأنبياء في دعوتِها ، وذلك لذكائه ورجاحة عقله وعلوّ منزلته ،    { فَاسْتَوَى } محمّد ، أي صار محمّد مساوياُ لجبريل في النوع وفي صعودهما إلى السماء في ليلة المعراج ، وذلك لأنّ محمّداً صعد بنفسه الأثيرية وكذلك جبريل مخلوق أثيري وأنهما صعدا سويةً إلى السماء ،

{ وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى } أي أنّ جبرائيل كان على ارتفاع من جوّ الأرض وكان يعلّم محمّداً بعض المعلومات الدينية

{ ثُمَّ دَنَا } محمّد من العرش { فَتَدَلَّى } أي دلّه جبرائيل إليه ،

{ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ } من العرش في المسافة { أَوْ أَدْنَى } من تلك المسافة ،

{ فَأَوْحَى }الله تعالى { إِلَى عَبْدِهِ } محمّد { مَا أَوْحَى } إلى الأنبياء من قبله من التوحيد والأحكام ، فإنّ الله تعالى أوحي إلى محمّد وهو في السماء وجبرائيل علّمه أشياء ،

{ مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى } أي ما كذّب فؤاد محمّد ما رآه من الآيات والعجائب في السماوات في ليلة عروجه ولم يشكّ فيما رآه لأنّها انطبعت في ذاكرته ، وقوله تعالى { مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ } دليل على أن المعراج كان بالنفس الأثيرية لا بالجسم المادّي ، لأنّ الفؤاد من أعضاء النفس ، فلو كان المعراج بِجسمه لقال تعالى : ما كذب القلب ما رأى ،

{ أَفَتُمَارُونَهُ } يعني أفتجادلونه { عَلَى مَا يَرَى } من الآيات ، وذلك لأنّ قريشاً أخذوا يجادلونه على ذلك ،

{ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى } أي ولقد أراه وبيّن له أشياء أخرى ، والمعنى أنّ جبرائيل بيّن لِمحمّد وعلّمه أشياء أخرى فإنّ كلمة "رأى" مأخوذة من الرأي وهو العلم ، وذلك كقوله تعالى في سورة الفيل { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ } فإنّ أصحاب الفيل لم يرهم محمّد بل أخبروه بقصتّهم ،

{ عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى } أي عند انتهاء جولتهما وهي شجرة أثيرية ثمرها النبق ،

{ عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى } أي قرب تلك السدرة جنة المأوى التي تأوي إليها نفوس النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين في عالم البرزخ ، وهي الطبقة السفلى من السماوات السبع ، وهي غير جنة الخلد التي يدخلونها يوم القيامة ، ولذلك قال تعالى في سورة الرحمن { وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } والمعنى يدخل الجنة الأولى في عالم البرزخ ويدخل الجنة الثانية يوم القيامة .

{ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ } من الأنوار { مَا يَغْشَى }البصر في ذلك الوقت الذي شاهدها محمّد ،

{ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى } أي ما مال بصره عن مرئيّه المقصود له ولا جاوزه ، والمعنى كان محمّد ينظر أمامه فقط ولا يلتفت يميناً وشمالاً ، وكان ذلك تأدباً منه وتعظيماً لربّه ، فقوله تعالى { مَا زَاغَ الْبَصَرُ } دليل أيضاً على أنّ المعراج كان روحانياً لا جسمانياً لأنّ البصر من حواسّ النفس والعين من حواسّ الجسم .

{ لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى } أي كبرى هذه الآيات وهو العرش الذي هو أكبر آية في السماوات .

والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة المؤمنون { قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ؟ }

 

 

حادثة إغماء

   مرض رجل في العشّار إسمه عبّاس العبدلي وأشرف على الموت فأغمي عليه وخرجت نفسه الأثيرية من جسمه ليلاً وأخذت تسيح ثمّ عادت إلى جسمه فاستوى جالساً ونظم هذه القصيدة وكان ذلك سنة 1325هج .

حياةُ المرءِ في الدنيا فناءٌ

                             له أبداً وللأخرى بقاءُ

ومهما عاشَ أهلُ الأرضِ طُرّاً

                         لهمْ مِنْ بعدِ عيشِهِمُ انتهاءُ

لَعَمرُكَ ما الحياةُ سِوى خيالٍ

                         يَزولُ وبِالزوالِ لَكَ اقتداءُ

إذا بعدَ العناءِ تُريكَ صَفواً

                            فلا صفوٌ يدومُ ولا عناءُ

ويومٍ قدْ عَرى جِسمي سُقامٌ

                               جسيمٌ ما لِشِدّتِه رُخاءُ

فقلتُ وإنّني لا شكَّ مَيْتٌ

                                وإنّ اللهَ يفعلُ ما يَشاءُ

فَكَرْتُ أبا الخصيبِ بِهِ طبيبٌ

                              يُعالِجُني ولي منهُ الدواءُ

مِنَ العشّارِ سِرْتُ بِغيرِ رُشدٍ

                           وداهَمَني مِنَ السُّقمِ التِواءُ

نَزَلتُ بِزورَقٍ فوجدتُ نفسي

                            لَها بِمعاشِرِ الموتَى التِقاءُ

علَى اسْمِ اللهِ فوقَ الماءِ يَجري

                        كجَريِ الريحِ ضجّ لهُ اعتناءُ

وصَلْتُ أبا الخصيبِ نزَلتُ داراً

                         لدَيها الطقسُ صافٍ والهواءُ

وإذْ ذاكَ اعتَرَفتُ بأنّ جسمي

                           يَحِلُّ مِنَ النُّحولِ بِهِ بلاءُ

وما في الغيبِ ما أنا قَطُّ أدري

                           أيُدرِكُني الحِمامُ أمِ الشِّفاءُ

رأيتُ هناكً روحِي بانفصالٍ

                        مِنَ الجسمِ اقْتضاها الإرتقاءُ

تَبَدّتْ مِنْ فمي تَسمو رويداً

                          رويداً يَزدهي فيها الفضاءُ

حَكَتْ سيفاً تَجرّدَ مِنْ قِرابٍ

                            بِأحسنِ هيكلٍ فيهِ صفاءُ

كأنّي بالحياةِ بِلا نزاعٍ

                         خفيفُ الروحِ شفّافٌ سناءُ

ذكَرتُ ولادتي وحياةَ أهلي

                           ومُعتقَدي إذا ذُكِرَ الثناءُ

رَأتْ رُوحي بِعينِ السرِّ جسماً

                              طريحاً ما لِنَهضتِهِ رجاءُ

ونافذةٍ تُطِلُّ على طريقٍ

                                  ونهرٍ فيهِ أنهارٌ وماءُ

ثلاثةُ نِسوةٍ يَغسِلْنَ فيهِ

                                  مواعيناً لهنّ بِهِ أداءُ

وكنتُ رأيتُ شيخاً مستقِرّاً

                                  بِزَورقِهِ تَوَلاّهُ العماءُ

عليهِ عباءةٌ زرقاءُ رثّتْ

                               تَطَرّقَ بينَ دفّتِها الفناءُ

وقفتُ وقوفَ ذي عقلٍ سليمٍ

                        وقلتُ نَعَمْ على الدنيا العفاءُ

وقد شاهدتُ في المقهى رجالاً

                              إذا عُدّ الوفاءُ لهمْ وفاءُ

رأيتُ بعينِها ورأتْ بِعيني

                         وها أنا وهِيَ في المعنى سواءُ

حَوَتْ حُرّيَةً إذْ لمْ يَعصِها

                            ستارٌ لِلخروجِ ولا بِناءُ

وَراقَ لَدَى الفضاءِ لَها وقوفٌ

                       تَحِفُّ الأرضُ فيها والسماءُ

رَجَعْتُ لِغرفتي لِظلامِ جسمي

                      كما لِلفجرِ قد رَجَعَ الضياءُ

رأيتُ الروحَ قدْ دَخَلَتْ إناءً

                       وَجِسمي فهوَ لِلروحِ الإناءُ

وقد عادتْ إليهِ بِانتظامٍ

                      عجيبٍ حيثُ عادَ لَها الولاءُ

تَوارَتْ فيهِ والتَحَقَتْ سريعاً

                         بِأحشائي وعادَ لَها انطِواءُ

وَلَمّا أنْ حَيِيتُ فَتَحْتُ عيني

                          وقمتُ كما يقومُ الأقوياءُ

نَظَرتُ روى ذاكَ النهرِ حتّى

                        تراءى لِي وأبهَجَني الصفاءُ

ورُحْتُ أصَدّقُ الرؤيا لَعلّي

                       على ضحضاحِ شاطئهِ نِساءُ

وجدتُ الشيخَ لمْ يَترُكْ مَحَلاً

                           بِهِ قدْ كانَ لازَمَهُ اعتِناءُ

وما شاهدتُ في المقهى رجالاً

                        تَحَقّقَ ليسَ في قولي افتراءُ

رَأَيتُ كما رأتْ روحِي عَياناً

                           وتَمّ معَ الحياةِ لِيَ الهناءُ

لِذا أدرَكْتُ سرّاً في سُقامي

                          حَقيقياً بِهِ عُرِفَ القضاءُ

وقدْ عافانِيَ البارِي تعالى

                         كأنّي ما بَدا بِحَشايَ داءُ

وليستْ هذهِ رؤيا ولكنْ

                    عنِ الأسرارِ قدْ كُشِفَ الغِطاءُ

سَجَدتُ لِوجهِ ربّيَ شكراً

                         وقلتُ لِوجهِكَ اللهُ البقاءُ

                                                   عباس العبدلي

 

 

 

 

 

إرشادات

   يريد الإنسان أن يعيش عيشة طيبة وفي رفاهية ، فلذلك تراه يكدّ ويتعب لينال ما تمنّاه ، فالشاب مثلاً يشتغل ليله ونهاره ويتعب نفسه ليجمع شيئاً من المال يعيش به في زمن شيخوخته ، والتلميذ يدرس ليله ونَهاره ويتعب نفسه وأفكاره مدّة أحد عشر عاماً أو أكثر ليضمن له مستقبلاً فيكون في وظيفة يستوفي منها راتباً يكفيه ، ويا تُرى ما هذه المدّة التي يريد الإنسان أن يضمن فيها معيشته ويرتاح بالُه ، فهل هي عشرة آلاف سنة ؟ كلاّ ، وهل هي خمسة آلاف سنة ؟ كلاّ ، إذاً ما هي المدّة التي يتعب الإنسان لأجلها ؟ هي إن كثرت سبعون سنة وإلاّ فخمسون أو أقلّ من ذلك .

أقول أليس الأحرى أن يتعب الإنسان لآخرته ويضمن له مستقبلاً زاهراً وحياةً سعيدة ؟ أليس بالأحرى أن يقدّم الإنسان ما لديه لحياته الأبدية التي يعيش فيها آلاف السنين بل ملايين ولا يموت ولا يهرم ؟ فالعاقل الفطن هو الذي يقدّم ما عنده لآخرته ويعمل ما ينفعه لحياته الأبدية ليضمن له مستقبلاً ويرتاح في ذلك العالم الذي سينتقل إليه عن قريب ويجتمع هناك مع زوجته وأولاده ويعيش عيشة سعيدة .

 

   سؤال  25: ماذا نفعل في دار الدنيا لنضمن لنا مستقبلاً في الآخرة ونعيش عيشة طيبة ؟

   جواب : أولاً أن تجتنب المعاصي وتعمل الواجبات وترحم المساكين والفقراء وتعطف على الأيتام والأرامل وتنفق في سبيل الله إلى غير ذلك من الأعمال الصالحة .

 

   سؤال 26 : أيّ خصلة يحبّها الله فينا ، وأيّ خصلة يكرهها ؟

   جواب : إنّ الله تعالى يحبّ الشخص الرحيم الذي يرحم الفقراء ويشفق على الأيتام والأرامل والشيوخ والغرباء المنقطعين ، ويحبّ الشخص الكريم الذي يكرم الناس من ماله ولا يبخل عليهم ، ويحبّ الرجل المتواضع الذي لا يتكبّر على الفقراء ولا على غيرهم ، ويحبّ الرجل الصادق السليم القلب الذي لا يغشّ الناس ولا يكذب عليهم ولا يستعبدهم ، فقد قال الله تعالى في سورة الشعراء { يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ . إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ }

   وإنّ الله تعالى يكره البخيل الذي يبخل بماله على الفقراء ، فالبخيل يدخل جهنّم ، فقد جاء في الحديث القدسي بأن الله تعالى قال ((المال مالي والفقراء عيالي ، فمن بخل بمالي على عيالي أدخلته النار ولا أبالي )) . وجاء في إنجيل متي في الاصحاح السادس قال المسيح ((لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض حيث يفسد السوس والصدأ وحيث ينقب السارقون ويسرقون ، بل اكنزوا لكم كنوزاً في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدأ وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون )) . وقال تعالى في سورة التوبة { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ . يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ } ، فيجب على الغني أن ينفق من أمواله على الفقراء والضعفاء والمساكين والأيتام والأرامل والغرباء ، ويقول أعطي هذا في سبيل الله ، وأعطي هذا لوجه الله ، وأرحم هذا على حبّ الله . وبعطائه هذا يقدّم لحياته الأبدية فيجده هناك حين ينتقل إلى العالم الأثيري ، قال الله تعالى في سورة البقرة { وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ } .

   وإنّ الله تعالى يكره المتكبّر ، فالمتكبّر يفلس من رحمة الله ويخسر ، فإنّ إبليس كان مع الملائكة المقرّبين ولمّا تكبّر على آدم ولم يسجد له طرده الله من الجنان وأفلس من رحمة الله . وإنّ الله تعالى يكره الظالمين الذين يظلمون الناس ويغصبون حقهم فإنّ الله تعالى يضلّهم عن طريق الحقّ بسبب ظلمهم فيكون مصيرهم إلى جهنّم ، قال تعالى في سورة إبراهيم { وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاء } .

   فيجب على الإنسان أن يعوّد نفسه على التواضع ، وأن يعوّدها على الصدق مع الناس ، وأن يعوّدها على الكرم ، ويعوّدها على الشفقة والرحمة ، فيرحم الفقراء والمساكين ، ويشفق على الأيتام والأرامل والغرباء المنقطعين ، ويعوّد نفسه على الأعمال الصالحة ليكون من الصالحين .

 

   سؤال  27: إذا نحن تجنّبنا المعاصي وعملنا الصالحات فهل نضمن لنا حياة سعيدة في العالم الأثيري ؟

   جواب : نعم تضمنون لكم حياة سعيدة ولكن بشرط وهو أن لا تشركوا بعبادة ربّكم شيئاً فإنّ المشرك لا يدخل الجنة ، فقد قال الله تعالى في سورة المائدة { إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ إلخ } ، وقال تعالى في سورة النساء { إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء } . ومن يشرك بالله فلا تقبل منه أعماله الصالحة وإن صام وصلّى مدى حياته بل تذهب أعماله أدراج الرياح ، فقد قال الله تعالى في سورة الفرقان { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا } يعني لا يؤجَرون على أعمالهم الصالحة فهي تذهب أدراج الرياح كما تذهب الذرّات المنتشرة في الفضاء وذلك لأنهم أشركوا غير الله بعبادتهم .

 

   سؤال 28: نحن أهل كتاب سماوي وهل في أهل الكتاب مشركون ؟

   جواب : إنّ أكثر الناس اليوم مشركون ولكن لا يعلمون أنّهم مشركون ، وأكثر الناس سائرون على طريق الضلال ويحسبون أنّهم مهتدون ، فقد قال الله تعالى في سورة الكهف { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا , الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا } يعني يعملون أعمالاً لا يرضى الله بِها ولكنّهم يحسبون أنّ أعمالهم هذه صالحة وأنّ الله تعالى راضٍ عنهم وعن أعمالهم .

 

   سؤال 29 : ألا تعلّمنا ما هو الإشراك لكي نتجنّبه ؟

   جواب : الإشراك هو أن تشرك أحداً من الأنبياء أو الأئمة أو المشايخ بالعبادة فتعبد الله وتعبده كما تعبد الله ، ومن ذلك قول بعض الناس (مدد يا نبي ، مدد يا ولي) ، وهذا هو الإشراك ، وذلك كما يقال "زيد شريك عمرو في الحانوت" أي أنّ الحانوت مشترك فيما بينهما ، ويقال "زيد شريك عمرو في التجارة" يعني أنّ التجارة مشتركة فيما بينهما ، فهما فيها شريكان ، فالإشراك هو أن تعبد غير الله كما تعبد الله .

   روي عن النبيّ (ع) أنّه قال : ((إنّ أخوف ما أخاف على أمّتي هو الإشراك بالله ولا أقول أنّهم يعبدون الشمس والقمر ولكن يعملون أعمالاً لغير الله )) .

 

سؤال  30: وهل يَعبدُ أحدٌ غيرَ الله ؟

جواب : نعم كثير من الناس يعبدون غير الله من حيث لا يعلمون .

 أنواع العبادة :

   سؤال 31: أليست العبادة لله هي الصوم والصلاة ؟ فإننا نصوم لربّنا ونصلّي له ولا نصلّي إلى أحد غيره .

   جواب : ليست العبادة مختصة بالصوم والصلاة فقط ، وإنّما العبادة لله أنواع :

·        أوّلها - ذكر الله ، وذلك بأن تذكر الله على الدوام بالحمد والثناء والشكر له ، فإذا ذكرت أحد المشايخ أو الأئمة على الدوام فقد أشركت ، قال الله تعالى في سورة الأحزاب { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا . وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا } أي على الدوام فانظر إنّ الله تعالى قال { اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا} ولم يقل اذكروا المشايخ ذكراً كثيراً . وقال تعالى في سورة الأعراف { وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ } أي على الدوام ، وقال تعالى في سورة البقرة  { فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا } ، وقال تعالى في سورة الكهف { وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَذَا رَشَدًا } . وإنّ الله تعالى مدح المؤمنين في القرآن الذين يذكرون الله ولا يذكرون غيره فقال تعالى في سورة آل عمران { الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ  إلخ } يعني يذكرون الله عند قيامهم وقعودهم وعند اضطجاعهم على جنوبِهم .

·        ثانياً – الاستعانة بالله عبادة ، وذلك قولك (يا ألله) حين تقوم ، ومعناه أعنّي يا ألله ...ساعدني يا ألله ، فإن استعنتَ بغيره فقد أشركت ، حتّى لو قلتَ يا محمّد ، فإنّ الله تعالى لا يرضى أن تستعين بغيره ، فإنّك تقول في صلاتك وأنت تخاطب ربّك { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } يعني لك نعبد وبك نستعين ، ولكنّك تستعين بغيره حين تقوم وحين تقعد ، كما قال الشاعر :

تلهج بإياك نستعين          وبغير الله تستعين

·        ثالثاً – السؤال من الله عبادة ، فإن سألتَ حاجتك من أحد الأنبياء أو المشايخ أو الأئمة فقد أشركتَ ، فإنّ الله تعالى لا يرضى أن تسأل حاجتك من غيره ، فقد جاء في مناجاة الإمام علي (ع( قال :

إلاهي أنِلني منكَ رَوحاً ورحمةً          فلستُ سوى أبوابِ فضلِكَ أقرعُ

ومعناه لا أسأل أحداً غيرك ولا أطلب حاجتي إلاّ منك ، وجاء في الحديث القدسي أنّ الله تعالى قال ((يا موسى إسألني ولو ملحاً لطعامك )) يعني وإن كان الملح شيئاً رخيصاً والذي نحتاجه للطعام قليل فلا تسأل غيري بذلك بل سَل حاجتك مني وأنا أعطيك . وقال تعالى في سورة البقرة { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ } ، وقال تعالى في سورة غافر { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } ، وقال تعالى في سورة الأعراف { ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } ، وقال تعالى أيضاً في نفس السورة { وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ } .

فإنّ الله تعالى يباهي بك الملائكة إن أنت سألت حاجتك من الله ، فيقول لهم انظروا عبدي فلاناً فإنه وجّه وجهه لي وسأل حاجته منّي لأنّه عرفني أنّي قادر على كلّ شيء . ولكن إذا سألت حاجتك من غيره فإنّ الله تعالى يدير وجهه عنك ويقول لك ألم أكن قادراً على قضاء حاجتك لماذا تركتني وذهبت إلى أحد عبيدي تسأل حاجتك منه ؟ فليعطِك حاجتك ، وليقضِها لك إن كان قادراً . قال الله تعالى في سورة الأعراف { إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } ، قال تعالى في سورة العنكبوت { إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ } ، وقال تعالى في سورة الإسراء { قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً } .

 

سؤال  32: إنّ هذه الآيات لا تنطبق على المشايخ والأئمة بل هي على الأصنام ، فلِم طبّقتها على المشايخ ؟

   جواب : إنّ قوله تعالى { إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ } يقصد بذلك الملائكة لا الأصنام ، لأنّ قريشاً كانت تعبد الملائكة وتقول أنّها بنات الله ، والدليل على ذلك قوله تعالى { عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ } فالأصنام ليست عباداً بل هي أحجار .

 

سؤال 33 : نحن لا نسأل حاجتنا من المشايخ والأئمة بل من الله ولكن نجعلهم واسطة بيننا وبين الله ، كما إنّك لو أردتَ حاجة من شخص فإنّك تأخذ معك شخصاً آخر فيكون واسطة بينك وبينه ليقضي حاجتك .

   جواب : إنّ البشر على قسمين ، منهم اللئيم وفيهم الكريم ، فإن أتيت شخصاً لئيماً فلا يقضي حاجتك إلاّ بواسطة أو لا يقضيها مطلقاً حتّى لو أتيت له بأكبر واسطة . أمّا إذا كانت حاجتك عند رجل كريم فإنّك لا تحتاج إلى واسطة بل يعطيك ما تريد بدون واسطة . فماذا تعتقد بالله تعالى أليس الله كريماً ؟ فالكريم يقضي حاجتك بدون واسطة ، وقد قال تعالى { ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ } ولم يقل اجعلوا بيني وبينكم واسطة . وقد جاء في دعاء أبي حمزة الثمالي لزين العابدين علي بن الحسين قال ((الحمد لله الذي أناديه كلّما شئت لحاجتي وأخلو به حيث شئت لسرّي بغير شفيع فيقضي لي حاجتي والحمد لله الذي أدعوه ولا أدعو غيره ولو دعوت غيره لم يستجب لي دعائي )) .

 

·        رابعاً : النذر لله عبادة ، فإذا نذرت لأحد من الأنبياء أو المشايخ أو الأئمة أو السادة فقد أشركت ، ولا يجوز النذر لغير الله ولا يجوز أن تذبح ذبيحة لغير الله ، فقد قال الله تعالى في سورة النحل { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالْدَّمَ وَلَحْمَ الْخَنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ ..إلخ } أي وما ذُبِح لغير الله ، وذلك كالنذر والقربان ، فمن أكل لحم ذبيحة وهي نذر لأحد المشايخ أو الأئمة فكأنّما أكل لحم خنزير ، فالنذر حرام والأكل منها حرام والذبّاح آثم . فإذا أردت أن تنذر فقل أنذر لوجه الله إن أعطاني الله مرادي أذبح رأساً من الغنم وأفرّقها على الفقراء ، فنذرك هذا مقبول وتؤجَر عليه .

 

·        خامساً العطاء والإنفاق في سبيل الله عبادة ، فإذا أعطيت شيئاً للفقير فقل في نفسك أعطي هذا في سبيل الله ، وإذا سألك الفقير فليقل أعطِني على حبّ الله وفي سبيل الله ، فإذا قال أعطِني على حبّ المشايخ أو غيرهم فقد أشرك ، وإن أعطيته شيئاً على حبّهم فقد أشركت ، فقد قال الله تعالى في سورة الإنسان { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا . إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا } ، فانظر أنّ الله تعالى قال { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ } أي على حبّ الله ، ولم يقل ويطعمون الطعام على حبّ الأنبياء أوالمشايخ ، ثمّ قوله تعالى { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ } ولم يقل إنما نطعمكم لوجه المشايخ . وقال تعالى في سورة البقرة { وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ ..إلخ } ، وقال تعالى في سورة البقرة أيضاً { الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ ..إلخ } .

 

·        سادساً : التسمية وذلك بأن تسمّي ابنك عبد الله أو عبد الجليل أو عبد السلام أو ما أشبه ذلك من أسماء الله فإنّها عبادة ، فإذا سمّيت ابنك عبد النبي أو عبد علي أو عبد الحسن أو عبد الزهرة أو غير ذلك مِمّا تجعله عبداً لأحد الأنبياء أو المشايخ فقد أشركت . فقد جاء في كتاب نهج البلاغة بأنّ الإمام علياً (ع) بعث كتاباً إلى ابنه الحسن وفيه وصايا وحِكَم ومن جملة الوصايا قال فيه : ((ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرّاً)) .

 

·        سابعاً : التعظيم لله عبادة ، ولا يجوز أن تعظّم غير الله وتقدّسه ، فتعظيم قبور الأنبياء والمشايخ وتقديسها وتقبيلها إشراك ، فإنّ الله تعالى لا يرضى عنك إذا فعلت ذلك ، لأنّك تركت الخالق وتمسّكت بالمخلوق ، ونسيت الرازق وسألت حاجتك من المرزوق . فقد قال الله تعالى في سورة الحـج { ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ ..إلخ } وقال تعالى أيضاً [في نفس السورة] { ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ } فانظر أنّ الله تعالى قال { وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ } ولم يقل ومن يعظّم شعائر المشايخ . وجاء في كتاب نهج البلاغة بأنّ الإمام علياً (ع) لَمّا مرّ بالعراق في حرب النهروان جاءه أهل العراق يقبّلون يديه ورجليه ويعظّمونه فنهرهم وطردهم وقال لهم ((مه ما هذه الأعمال ؟ لا تعملوا كعمل الفرس ، أنا بشرٌ مثلكم فلماذا تقبّلون يدي ورجلي فهذا لا يجوز ، التعظيم لله فقط)) . وكان النبي (ع) إذا دخل المسجد فإنّ أصحابه يقومون احتراماً له فنهاهم عن ذلك وقال ((أنا بشرٌ مثلكم , لا تعظّموا غير ربّكم الذي خلقكم [لا تفعلوا بي كما تفعل الأعاجم بملوكها])) . أقول إذا كان الإمام علي (ع) لا يرضى أن يقبّل أحد يديه ورجليه وهو حيّ ، فكيف يرضى بعد وفاته أن يقبّلوا قبره وجدران مرقده وعتبة بابه وغير ذلك ؟

 

   سؤال 34 أليس هؤلاء مرشدينا ومعلّمينا ، أليس يجب علينا أن نحبّهم ونحترمهم ؟

   جواب : نعم نحبّهم ونحترمهم ولكن لا نعظّمهم ولا نعبدهم ، فالتعظيم لا يجوز إلاّ لله وحده ، وقد قال الله تعالى في سورة الذاريات { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ . مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ . إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ } .

 

ثامناً : اليمين بالله عبادة ، وذلك بأن تكون صادقاً في يمينك ، فإذا حلفت كاذباً فإنّك آثم . واليمين هي أن تقول ((والله)) أو ((بالله)) أو ((تالله)) بأنّ الأمر كان كذا ، فإذا حلفت بأحد الأنبياء أو المشايخ أو الأئمة فقد أشركت .

سؤال 35 : أنت تقول لا تحلف بغير الله ، إذاً فما معنى قوله تعالى في سورة البقرة { وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّواْ وَتَتَّقُواْ وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } ؟

   جواب : نزلت الآية في عبد الله بن رواحة حين حلف أن لا يدخل على ختنه ولا يكلّمه ولا يصلح بينه وبين امرأته ، فكان يقول إني حلفت بهذا فلا يحلّ لي أن أفعله ، فنزلت { وَلاَ تَجْعَلُواْ اللّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ } أي لا تجعلوا اليمين بالله علّة مانعة لكم من البِرّ والتقوى ، وذلك قوله تعالى { أَن تَبَرُّواْ } يعني أن لا تبرّوا ، وهو عمل البِرّ { وَتَتَّقُواْ } الشرّ ، أي لا تحلف بالله على أنّك لا تتّقي الشرّ بوجه من الوجوه ، مثلاً إذا كنت جالساً تحت جدار مع جماعة فنظر جماعتك وإذا الجدار آخِذٌ في السقوط فقالوا لك قم لئلاّ يسقط علينا الجدار فتحلف بالله إنّي لا أقوم من مكاني وإن سقط الجدار ، فتكون قد عرّضت نفسك للخطر بيمينك هذه ، { وَتُصْلِحُواْ بَيْنَ النَّاسِ } يعني ولا تحلف بالله على أنّك لا تصلح بين الناس فتترك بذلك عمل الخير والأمر بالمعروف ، { وَاللّهُ سَمِيعٌ } لأقوالكم { عَلِيمٌ } بأعمالكم . وليس المقصود من هذه الآية النهي عن اليمين بالله أو الإكثار منه .

 

تمّ بعون الله كتاب (الإنسان بعد الموت) ويليه (الردّ على الملحدين) تأليف محمّد علي حسن الحلّي

===================================================

 

الصفحة السابقة-->>

الصفحة الرئيسة  <<--



Man after Death   An Hour with Ghosts   The Universe and the Quran   The Conflict between the Torah and the Quran   الخلاف بين التوراة و القرآن     الكون والقرآن   المتشابه من القرآن   ساعة قضيتها مع الأرواح  

 



[1]  وذلك لأنّ الأشجار الأثيرية لها شعاع فإن كان المكان الذي التُقِطَت فيه الصورة أظلم أو قليل الضياء فإنّ شعاع الشجرة الأثيرية يغلب على الظلام فتلتقطه آلة التصوير إن كان في ذلك المكان غصنٌ أثيري .

[2]  الربوة هي مكان مرتفع عن الأرض ، وكان فيها عين ماء ونبات وأشجار ، ولذلك وصفها الله تعالى بقوله { ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ }.